البريد
أخبار تهمكالرئيسيةفن وثقافات

قراءة في مجموعة (نجمة في عنق الليل) للشاعرة رهف العقابي

بين سلطة الغياب وهيمنة الحضور

Adv
بقلم: جمال نوري

تشترط الشاعرة رهف العقابي في عتبة تقديم مجموعتها الشعرية ،نجمة في عنق الليل، ان يطعن من يريد الاقتراب خاصرة المسافة
من يريد ان يكون بقربك
سيطعن خاصرة المسافة ..
وعلى مايبدو ان الشاعرة تستشرف المستقبل في فعل (الطعن) لسلطة الغياب التي فرضت حصارا نفسيا وشعريا على معطيات القصيدة التي تحاول ان تتلون مع ذكريات آفلة تطرق ابوابها الشاعرة مستنجدة بقدرتها الشعرية في تطويع مفرداتها ولكي تسبغ عليها بعدا دلاليا وشعريا .
مازلت تبحث عن ثقب في جهة مظلمة لتهرب منه خلسة لكن…. الى اين ستهرب وكل الجهات أنا ؟ وحين يصبح للحضور المادي فعلة وتأثيره وطغيانه فأن القطيعة والبعاد تكرسان لتأثيث حلم آخر يدشن لملاحقة ظل غائم يلوح ويختفي .
مازال ظلك يذهب بعيدا عني ولايغادرني…..
والظل بحد ذاته من معطيات الحضور الذي يصبح تدريجيا في قائمة الغياب أيضا بفعل ابتعاده ونأيه… ويتمظهر الغياب بأشكال وصيغ متعددة معبرا عن التياع الشاعرة وحزنها المريع حيث يصبح سهما غادرا قد يؤدي بحياتها لولا…
كاد سهم غيابك ان يقتلني لولا قناعك الذي سقط منك مع آخر محاولة للكذب…
والاقنعة التي تسقط تباعا تشي بكثافة الموقف وتجلياته في صومعة تنوء بمتناقضات الاحساس ،من حالة مبهمة الى أخرى أكثر تفاؤلا وانفتاحا.وتتنوع مضامين القصائد بين ماهو غنائي وعذب يسترسل متدفقا كينبوع جبلي، لغة يغلب عليها الحزن والاكتئاب متزامنة مع انكسارات وكيوات العلاقة التي تثمر احيانا وتنطفئ…..ويهيمن التشكيل السردي على اغلب قصائد المجموعة حيث تبتدأ وتنتهي الى موقف..
وعندما نتعب ونتكئ على اعمدة الأنارة التي تنطفئ وكأنها تواسي انطفاء أرواحنا المتعبة
كبرنا كثيرا
ومازلنا نبحث عن ادوات لفك شفرة الحياة المبهمة نريد الهروب ولكن كيف نهرب من هذا العالم وكل الأبواب مغلقة ؟
وضمن هذه الاجواء الملتبسة بالارتباك والحيرة تتنازع الشاعرة الرغبة في الهروب من العالم والبحث عن آخر اجمل منه طالما كان الجفاء والقطيعة بديلا مؤلما لوجودها وحضورها… وبين هذا وذاك تجد الشاعرة نفسها في لحظة تجل خاصة فريسة للقيود التي دشنت رغبتها في الضياع ..
أرسل لي
من عينيك نظرة
أشعر أنني بحاجة ماسة للضياع في اعماقهما..
وقد تتضح الصورة بعد ذلك ليتمظهر الغياب بصور اخرى قدتكون اكثر وضوحا في استجلاء ابعاد المشاعر الدفينة التي تبحث عن ملاذ وخلاص ينقذها من اتون احاسيسها المتوثبة..
.كمن يوصد الباب
على قلب احدهم
هكذا هو الغياب…
وقد يتداعى الموقف لتتجلى صورة الغياب منعكسة على ذات الشاعرة وهي تسدر تائهة في فضاءات الغموض والوحشة القاتلة ..
في غيابك أبقى
بلا روح
بلا مٱوى
ساه في ديجور الوحدة مكتفيا بالصمت المؤطر بالدموع…
.وقد يرتقي الأمر بفعل هذا الضياع والشرود الى استسلام واضح وعلني للأعتراف بسطوة الغياب وتمثلاته التي انعكست سلبا على ذات الشاعرة في معترك صراعها مع المجهول القادم بعذاباته ..
اقفلت باب الوحدة على نفسي
وسلمت المفتاح بيد الغياب..
ومع كل ذلك يبرز صوت الاحتجاج صارخا ومدويا في مواجهة الماضي المزيف والكذب والأقنعة الواهية. لست مسمارا صدئا
في غرفة قديمة
لتعلق عليً بقايا الوقت…. ومع صوت الاحتجاج يتعزز الاستسلام بعجز المرأة في مواجهة قيود أخرى تفرض استلابها وسطوتها .
.يداي مقيدتان
بسلاسل العادات والتقاليد التي تكسر رقبة الشعر والمرآة .
عمري لافائدة منه
كالشمعة في غرفة اعمى….
هكذا يبدو الغياب في مجموعة الشاعرة رهف العقابي وهو يمسك بتلابيب المشاعر والقصائد يقودنا الى عوالم متنوعة بانثيالات المشاعر المرهفة التي تستقرأ كنه العلاقة ومستوياتها شعريا وحياتيا ودلاليا

جمال نوري
كاتب عراقي
الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق