إبداع سعد القرش في رسالة

يقدم إبداع سعد القرش العديد من التيمات الإنسانية التي يشترك فيها البشر جميعا، لكنه يقدمها في شكل إبداعي مختلف ومميز، بحيث شكلت رؤيته إغراء لكثير من الباحثين والنقاد لتناولها بالبحث والدراسة، وأحدث الدراسات التي تناولت إبداع القرش رسالة ماجستير تحت عنوان “الذات والآخر في ثلاثية سعد القرش الروائية .. أول النهار وليل أوزير، وشم وحيد”  للباحثة أمل محمود أبو الفتوح محمود عياد ونوقشت في كلية الآداب جامعة طنطا يوم الأربعاء الموافق 27 من سبتمبر 2023 الماضي، وقد تكونت لجنة الحكم والمناقشة من: الأستاذ الدكتور محمد السيد الدسوقي

الأستاذ بقسم اللغة العربية وآدابها كلية الآداب، جامعة طنطا رئيسا،  والأستاذ الدكتور أسامة محمد البحيري الأستاذ بقسم اللغة العربية وآدابها كلية الآداب_جامعة طنطا، مشرفا وعضوا،

والأستاذ الدكتور علاء الدين فتحي محمد الجابري الأستاذ بقسم اللغة العربية وآدابها كلية الآداب_ جامعة السويس، عضوا خارجيا.

وقد قررت لجنة الحكم والمناقشة أن الباحثة أمل محمود أبوالفتوح محمود عياد تستحق أن تمنح درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها شعبة أدب ونقد بتقدير ممتاز.

وقد توصلت الباحثة في رسالتها إلى أن ثلاثية أوزير ملحمة تاريخية حيث مزج الكاتب سعد القرش التاريخ بالخيال، وأعاد سرد التاريخ وإعمال الخيال الروائي في الأحداث، كما يضاف عليها الطابع الفانتازيا، فرواية “أول النهار” تدور أحداثها حول عمران الناقم على كل شيء؛ خوفا من تحقيق نبوءة ملعونة تنبأت بها عرافة غجرية منذ خمسين عاما، وهي تحل عليه كارثة كل خمسين عاما، وألا يعيش له إلا ولد واحد، ومع اقتراب حلول الخمسين أصبح لا يطيق ولا يطاق، فيأتي دور حليمة في تهدئته فهي أمه العذراء، ثم يأتي القدر بفيضان يأخذ من عمران عائلته بأكملها ما عدا ولده الوحيد مبروك، ولكن سرعان ما تتحقق النبوءة ويموت مبروك ليلة عُرسه، فينقم عمران على زوجة ابنه ويحملها المسئولية عن مقتله، ويعود عمران بجثة ابنه إلى قرية أوزير التي لا يستدل على ملامحها بعد الفيضان، فيقوم هو واثنا عشر رجلا بإعادة أوزير إلى قرية صالحة للعيش مرة أخرى، ويرزق بحفيدين عوضا عن ابنه فيقوم بتدليلهما ورعايتهما، ومع زواج أحد الأحفاد يعيش الابن قدر الأب، فيموت صباح عُرسه والسبب الأم التي دفعت بابنها للموت والآخر يهجر البلاد ويهرب، وخلال هذه الأحداث يتداخل الآخر مع الذات من خلال كارلو وجوليا وجوليانو ثلاثة أغراب يأتون من الجانب الآخر من البندقية لاستكشاف الأراضي المصرية وطبيعتها، ومعرفة المصريين وأحوالهم ومعيشتهم، ويقابلهم عمران بسعة صدر وترحاب وانبهار بما أتوا به من بنادق والتي أطلق عليها عمران العفاريت الزرق لما تحدثه من صوت وجلبة  أثناء انطلاق النيران منها، وقد ساعدوا أهل أوزير في إعادة بناء أوزير تحسبا لقدوم الفيضان مرة أخرى، وأراد عمران أن يتقدم وينهض بأوزير، ويجعلها بلدا مستقلا، لا تحتاج إلى أحد من خلال صنع السلاح، ولكن المعرفة وحدها لا تنجز العمل لابد من العلم والمعرفة معا للنهوض.

أما رواية وشم وحيد فالكاتب أبدع في تجسيد شخصية وحيد، وجعلنا نعيش معه كل اضطراباته ومعاناته، بداية من فقد أبيه أمام عينيه، وظل يسعى لمحاولة الانتقام له، وما مر به فكنا نعيش معه ألمه النفسي والجسدي وأمله في الانتقام، وحلم العودة إلى الوطن أوزير.

بالنسبة للمكان فإن هوية الإنسان ترتبط بمكان وجوده، وبيئته، فمكانه على أرض أوزير، فهو يملكها وهي تملكه، تربطهما علاقة قوية متأصلة الجذور، والعودة إلى أوزير كانت وما زالت الحلم من الجد إلى الحفيد الرابع هاشم بن وحيد بن يحيى بن عامر بن مبروك بن عمران.

وتوصلت الباحثة إلى مجموعة من النتائج المهمة، منها أنه  في رواية أول النهار كانت علاقة الذات والآخر علاقة تلازمية وتفاعلية، وفي رواية  ليل أوزير فكانت علاقة جدلية، واستطاعت الثلاثية أن تجسد انبهار واندهاش الذات بالآخر، وما حققه من تقدم وازدهار ورقي، وحدث بين الذات والآخر تفاعل وتكامل في بناء أوزير.

كما أن الشخصيات في ثلاثية سعد القرش هي العنصر الفعال والمحرك الأساسي للأحداث في العمل الروائي، واختيار أسماء الشخصيات له دلالات واضحة، فكل اسم يحمل صفاته ودلالاته، فلم يكن هناك اسما اعتباطيا.

كما أدت دراسة أبعاد الشخصيات في الثلاثية الروائية من حيث البعد الجسمي والنفسي والاجتماعي، إلى التعرف على الشخصية من خلال أقوالها وأفعالها وسماتها ومظهرها الداخلي والخارجي.

وكذلك  فإن الزمن في ثلاثية القرش هو العمود الذي يرتكز عليه العمل السردي، فلا وجود للرواية في غياب الزمن، والمفارقات الزمنية كالحذف والمشهد والوقفة، وقد اعتمد الكاتب على الذاكرة والعودة بالسرد إلى الوراء في مواضع كثيرة اعتمادا على الاسترجاع والاستباق.