البريد
الرئيسيةرأيفن وثقافات

خالد عبد المحسن يكتب: “بخطى مثالية كالفضيحة”.. تساؤلات مترعة بالمرارة والصدق

Adv

صدر الديوان الثانى لمصطفى عبادة عن الهيئة العامة المصرية لقصور الثقافة بعنوان “بخطى مثالية كالفضيحة” ينتمى إلى قصيدة النثر يحتوى على 9 قصائد ولا يتجاوز 74 صفحة.

مصطفى عبادة، صحفى وشاعر وأديب مولع بالأدب والفكر والفن والثقافة مفتون حد الجنون بالكتب، مهموم بالثقافة وقضاياها حد الموت، يخرج علينا بعنوان صادم حد الألم والدهشة بخطى مثالية كالفضيحة، يبدو للوهلة الأولى فيه التضاد بين المثالية والفضيحة، لكنهما وجهان لعملة واحدة، فالمثالية فى داخلها تكمن رغبة الإنسان أن يكون ضدها، لكن ظروفا حالت دون ذلك.

بعد الإهداء لأمه ولأخيه، يصدمنا بقصيدته “درو بار يمور” تلك الحسناء الأمريكية الفائتة التى عندما فشل فى إصابة الهدف كمجند طلب منه أن يصعد الجبل، ولكى ينسى فشله وعذابه اشارعليه أحد بها وصورها ومتابعتها، لكى ينسى ما فيه وهى تمثل الغواية موظفة فى احتلال النموذج الغربى للفكر العربى عن طريق الجنس والهوس بالمدنية الغربية ويصدم عندما تعرف زوجته ذلك فتطلب منه أن يتركها ويحيا مع فاتنته ترى أى استلاب وتنازل وترك الآخر للعبث به وبمقدراته وتاريخه وعتاده الممثل فى ثروته الحقيقية الشباب، فيتركونهم للضياع الهوس بالنموذج الغربى فى كل شىء وهم بذلك قد حققوا للغرب ما يخطط ويسعى له نرى درو باريمور معادلا موضوعيا للاستلاب والضياع يلومه مديره من افتتانه بدرو فيقع فى شركها فيستغرب لذلك ويعرف إنها فتنة وفساد

فيقول:

درو

أنت خراب بلادى

أشبهت أعدائى

كدت أقول فصرت أحبهم

مع أننى طردت المرأة فى القصيدة

عشت ليالى أحلم بسمانتك

واكتشفتك قبل الجميع

وتأتى قصيدة عمر (المختار) فتحاول درو “الغرب” أن تنسى مثقفنا تاريخه وتطلب منه أن ينساه كما ينسى قيمه وموروثه ومعتقداته

انس التاريخ

لماذا تتذكر عمر المختار الآن

إنه عدو رجولتك مثلى

من يحمل نظارته الآن

هل العقيد أم اللجان

نحن امرأة ورجل

أغزنى أنت

فالمجد كالمال ليس دائما

 

ديوان «بخطىً مثالية كالفضيحة»
ديوان «بخطىً مثالية كالفضيحة»

وتأتى قصيدة بخطى مثالية كالفضيحة التى يحمل عنوانها الديوان، لتعبر عما يتعب ويشغل المثقف صاحب المبادئ الذى يعيش فى صراع بين المثالية ورغبات الذات حاجته الطبيعية وعلاقته بالآخرين، وجعلته يعرف أنهم فى البدايات حمائم والنهاية وبعد التجربة صقور، لكنهم أضافوا لرصيدك تجارب وإبداعاً.

ملخص ما كتبه يقول: لم الشعراء هكذا فى الزمن الضنين على مستوى الرفقاء والأشخاص والأعداء حتى عزل نفسه عن الجميع وعلم أن الجميع يتهمونه بالجنون وادعاء المثالية.

وتعلو نبرة الذاتية ويقول

أنا مصطفى عبادة

أقولها دائما لمن أحب

الأصدقاء

فخناخنا الراضية

وتأتى قصيدة شاهد كعلامة استفهام خليطا من الهوس بالجنس، والتكنولوجيا وخاصة العرب لحرمانهم منه

فيقول جملته الشهيرة “المثاليون يكرهون أنفسهم”

ونرى فيها الجنس والرغبة المحمومة فى الانقضاض على الأنثى ليس هدفا فى حد ذاته لكن مثلما فعل مصطفى سعيد بطل رواية “موسم الهجرة للشمال”. الطيب الصالح غنى شاعرنا أن يكون مثله ويذيق الآخر ما صدره لنا.

وينهى قصيدته (بحكمة)

قائلا: “اليقظة جزء من المأساة”

وفى قصيدة بقوة الغريزة: “لماذا عبد القدير خان” إنه العلم فى مواجهة الغرور الغربى فى كل مكان ليس لديهم فقط.

يقول: “لماذا يهددنى عبد القدير خان نتيجة حائط لا قنبلة” لنعرف أن العلم أهم من القنابل والحرب العلم أنبل فهو بناء وقيمة، لماذا لم يهدنى قنبلة لأضعها فى وجه الغاصب المتغطرس أنا العربى محبب للفكر والثقافة المولع بالجنس حامل لواء الحضارة ومشعل الحرية. يريد أن يفتك بك أيتها العاهرة ويخلص العالم من شرورك.

أما قصيدة عيناها خلف النقاب فماذا قالت؟

قالت أنا أرغب فيك مثلما ترغب وأهواك مثلما تهوانى وأحبك أن تكون أسيرا لى ولرغبتى، لأننى أعطيك ما تصبو إليه من حاجات ورغبات، وأنا الأرض والسكن وطمأنينة النفس والثقافة، الحرية، السلام، الأرض، السماء، الهواء، الحياة، الموت، الحرية والقيد، لولاى لم تكن وبى تستمر الحياة،

أنا الدنيا بكل ما فيها فبدونى لا تحلو الحياة

كما قال شاعر حديث: عيناها قالت كل شىء وانتهى

إن عشقتك ولله منك المشتكى

ومحاور الديوان ترتكز على الرغبة والأنا ونظرة المجتمع لها

والأصدقاء والأنا والعلاقة بينهما

التاريخ والجغرافيا وعلاقاتهما

الجنس ماذا يمثل للبشرية

استخدم الشاعر لغة سهلة معبرة موحية إلّا بعض الكلمات التى تحتاج لتفسير والرجوع للمعاجم.

وأدوات الشاعر وتقنياته تظهر مدى عمق ثقافته وتمكنه باستخدام الحوار الداخلى “الحوار” والقصة الومضة والقصيرة وقصة الإطار واستدعاء شخصيات من التراث والاستعانة بأصدقاء يمثلون قيما معروفة للجميع، ويتخلل شعره حكمة خلاصة تجاربه ومعاناته وقراءاته والأخيلة قوية وموحية وكاشفة حد الوضوح كأنك تشاهدها حية تصل إلى القلب والعقل والروح.

الديوان يمثل دفقة مشحونة بالفكر والفن والثقافة يحتاج عند قراءته إلى أن تكون على قدر ما كتب ولا تعطى الأمور أكثر مما تحمله، فما قاله الشاعر قاله شعراً ولك أن تفهم كما تحب لكن دون تحيز حد المجاملة ولا معاداة حد الاقتتال.

لأن كل إناء ينضح بما فيه، فعليك قراءة ما كتبه الشاعر بتتبع فكره وثقافته وهدفه، تجد أن الأمر رسالة يقدمها شاعرنا للعالم والإنسان، لنشر اليقظة والفكر والثقافة، وتلك رسالة المثقف المهموم حد الوجع بما يدور له ولوطنه وما يحدث فى العالم فنحن وحتى فى ذاتيتنا لابد أن يؤثر فينا ما حولنا سواء محليا أم عالميا.

خالد عبد المحسن رفاعي
خالد عبد المحسن رفاعي
الشاعر مصطفي عبادة
الشاعر مصطفي عبادة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى