
يموتُ مَن لا يغنّي
لم يعجبني الطقسُ هذه الليلة،
كانتِ السماءُ مجلجلةً
-مثل أفعى تحبّ سماعَ جرسها-
بدا أنْ حربٌ تدقُّ في قلب السماء،
كانت عيناها تذرفان الشهبَ الجادّة،
بدتْ مختنقةً برعودٍ فوّارة ،
بينما البروق تتفشّى في الآفاق.
رأيتُ غيمتين تحاولان تهريبَ القمر،
مطرا عاريا يواجه الأرض الصلبةَ،
ورياحاً تسرقُ الملابسَ من حبال الشكوك.
وتلك التي تشكّلتْ في صدري،
سماء مدوّية بلعنة مختومة:
سيهلك ذلك الذي لا يغنّي الآن!
كانت أغنيةً عن أيلٍ مصابٍ
يتهاوى في الجبل البعيد ،
وكنتُ أغنّي :
سِرْ إلى النهر أيها الأيل الجريح،
سِرْ ولو كان بعيدا ،
قد تموت محاولا الوصول،
لكنّك ستموت محموماً بالحُلمِ،
لا منكسرا بين فكّي ذئب.
سِرْ الى النهر أيها الأيل المصاب،
ولا تحيَ في الانتظار ،
سر متوحّدا بالطقسِ،
مسلّما بالرعود،
صادقَ النظرة مع البروق الضاربةِ،
ومتهيئا للّعب مع الشهب الساقطة،
أنت إن وصلتَ حيّا؛ فأنت حيٌّ
وإنْ مُتّ باسمِ الرحلة؛ أنت حيٌّ للأبد.
بهذا كنتُ أغنّي
مُعيدةً قلبي لكهفهِ كلما رعدتْ ذكرى
أو ترفّق بي مانعُ صواعق.
بهذا كنتُ أسيرُ إلى نهر مقفر،
بوحشةِ منفى بين عينين سوداوين،
بشفتين مهجورتين،
مصابتين بالذكريات.
وبقلبٍ متضرّر ؛
أبلّلُ النكباتِ بالأغاني،
أجفّف عيونَ الحزانى بالرقص،
وأرفعُ السِتارةَ:
المسرحُ: عظامٌ محطوبةٌ.
الجمهورُ: عشّاق منكوبون يلفّهم البردُ.
الأبطالُ: ناري والرقصة الاخيرة!