البريد
اقتصاد وتكنولوجيا وعلومالرئيسية

دمج قدرات تحليل البيانات في الوظائف المالية و المحاسبية

هنادي خليفة، مديرة العمليات في معهد المحاسبين الإداريين في الشرق الأوسط وأفريقيا والهند

Adv

جميعنا نعرف مصطلحات البيانات الضخمة والتحليلات وعلوم البيانات وغالباً ما نستخدمها بشكل منتظم. ففي جميع الشركات الكبرى، أصبحت أقسام المحاسبة والمالية تستفيد بشكل متزايد من تحليلات البيانات الضخمة القادرة على استخلاص الرؤى من كميات البيانات الضخمة التي ستبقى مبهمة وغير قابلة للتفسير بوضوح لولا هذه التحليلات. وبما أن البيانات أصبحت اليوم توصف بالوقود الجديد للاقتصاد الرقمي ويتم يومياً توليد 5.2 كوينتليون بايت منها، يتعين على المؤسسات الصغيرة و الكبيرة الاستفادة من هذا الكم الهائل من البيانات واستخلاص الفائدة منه لدفع عجلة النجاح والنمو.

وفي خضم مسيرة التحول الرقمي التي تخوضها فرق المالية والمحاسبة، تبرز قدرة تكنولوجيا المعلومات ومعايير البيانات المفتوحة على تعزيز الكفاءة وتسليط الضوء على الفرص التنافسية الجديدة. فمن منظور خبراء المالية والمحاسبة، توفر ثورة الرقمية والبيانات فرصاً هائلة وخيارات مهنية مذهلة على غرار ما توفره علوم البيانات.

ويمكن لخبراء المحاسبة والمالية أن يصبحوا علماء في البيانات لثلاثة أسباب جيدة هي:

  • أنهم يمتلكون مهارات تقنية مذهلة، فهم يوظفون البيانات بشكل طبيعي بأسلوب يختزل تفاصيل المعاملات والأرقام الأخرى. كما أن التعامل مع التحليلات الوصفية والاستقرائية والتوجيهية سهل بالنسبة لهم بفضل المهارات الكمّية التي يمتلكونها.
  • ويتمتعون بقدرة مذهلة على حل المشكلات، فالتنقل بين التحليلات الاستقرائية والتوجيهية يتطلب ذهنية شغوفة بالاستكشاف بدءاً من تكديس وفرز المعلومات إلى معرفة كيفية استخدام هذه المعلومات لاتخاذ القرارات الهامة في الشركة. ويعني هذا أن خبراء المحاسبة والمالية يتمتعون بالقدرة الأفضل على التنقل بسلاسة بين هذه العمليات.
  • وهم أيضاً الأكثر قدرة على رؤية السياق الكامل والآثار المترتبة على الأعمال، فالقيمة الحقيقة للبيانات لا تتمثل في تجميعها فقط، بل في اتخاذ القرارات استناداً إلى الرؤى المستخلصة من البيانات. وللكشف عن هذه الرؤى، ينبغي لعالم البيانات أن يفهم أولاً سياق العمل. ونظراً لعلاقاتهم وخبراتهم ضمن الشركة، يتمتع خبراء المحاسبة والمالية بالقدرة على فهم هذا السياق أفضل من عالم بيانات خارجي.

وفي ضوء التوقعات المتزايدة التي ترجح لخبراء المحاسبة والمالية أن يصبحوا بمثابة شركاءٍ في الأعمال، وتحديداً كخبراء قادرين على تحليل البيانات لتقديم التوصيات الاستراتيجية، يتعين عليهم  التحلي بالقدرة على حل المشكلات والتكيف بسرعة مع التغييرات. ومن هذا المنطلق، يتعين على خبراء المالية والمحاسبة مواكبة التطورات لتأكيد قدراتهم التنافسية في علوم البيانات والتحليلات والتصوير البياني.

هنادي خليفة، مديرة العمليات في معهد المحاسبين الإداريين في الشرق الأوسط وأفريقيا والهند

وفي عالمنا الذي يتعايش اليوم مع وباء “كوفيد-19” وفي ضوء التسارع المرتقب في وتيرة الرقمنة، ستتطلب الشركات من موظفيها أن يتمتعوا بالقدرة على التأقلم مع الواقع الجديد. فالتطورات التي يشهدها مجال تعلم الآلة مثلاً، من شأنها  إحداث تحول ملموس في أنظمة إعداد التقارير والإشراف والتدقيق والمتابعة. ورغم أنهم قادرون بطبعهم على فهم البيانات، ليس من المفروض على المحاسبين أن يتحولوا إلى علماء متخصصين في البيانات، بل إنهم سيصبحون أكثر اعتماداً على علوم البيانات والمهارات التحليلية  لصقل قدراتهم على اتخاذ القرارات والتحكم بها بكفاءة وفاعلية.

وبينما نشهد اليوم طلباً متزايداً على المتمرسين في علوم البيانات،  فإن طبيعة علوم البيانات ستصبح بدورها أكثر اندماجاً في العمليات تزامناً مع التطور المستقبلي في مجالات الذكاء الاصطناعي والأعمال القائمة على الإدراك. فالشركات لن تكتفي بالتركيز على ردم الفجوة بين تحليلات البيانات ومتطلبات الأعمال، بل إنها ستعمل على تزويد عملائها بخدمات مالية خالية من المخاطر نظراً لأن البيانات الضخمة تترافق بعدد كبير من المخاطر الأمنية. ويعني هذا أن خبراء المحاسبة والمالية المتمرسين في هذا المجال سيتمتعون بقيمة لا تقدر بثمن.

فالبيانات الضخمة تتيح للمدراء الماليين وفرق عملهم رصد المشكلات بصورة استباقية والوصول الفوري للبيانات، لكي يتنسى للشركات اتخاذ القرارات  المدروسة استناداً إلى دلائل وحقائق راسخة بدلاً من التخمينات والافتراضات حول العملاء والموظفين والموردين.

وفي سبيل تعزيز قدراتهم  المتعلقة بالتحليلات المتقدمة، يتعين على خبراء المالية والمحاسبة صقل مهاراتهم عبر برامج التدريب العملي والدورات الاحترافية التي ستسهم في تنمية مجالات المعرفة الأساسية والقدرات التنافسية إلى جانب إمكاناتهم في علوم البيانات والتحليلات. فالرواد الذين سيتولون دفة القيادة مستقبلاً سيكونون من الأسرع في فهم البيانات واستقراء تأثير المعلومات، والأقدر على الاستفادة منها  لاتخاذ الخطوات العملية بأكثر الطرق كفاءة عبر الاستفادة من جميع الأدوات والتقنيات والعمليات المتوفرة بين أيديهم في عصرنا الرقمي الجديد.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق