رأي
عائشة البيرق تكتب: زايد أسطورة لا تنسى

تقف الأقلام عاجزة عن وصفك فهي تخشى أن لا يسعفها جمال اللغة بقوافيها وأسلوبها فتخفق في بيان إنجازات أبا وقائدا ومعلما كرس حياته ومنح نهجه ليغدو طريقنا في المستقبل الذي كان بأمس حلما وخيالا وغدا اليوم حقيقة وواقعا نعيشه بكل فخرا واعتزاز ويشهد الجميع له به . وسيرته العطرة لا تزال تعبق بها الأمكنة والتواريخ، لم ينس شعبه طيلة حياته، فحصد حباً جماً يزداد رسوخاً في ذاكرة بشر وأرض ووطن .
لذلك فأن القلم يخشى الكتابة والأسطر بكل ما تحمل من رحابة وسعة أن تضيق كثيرا برغم حب القلم وعشق الأسطر لزايد الخير، إلا إن الأمر هنا يختلف كثيراً، فالحديث لا ينبغي أن يكون مثل أي حديث والكلام يجب ألا يكون له نظير ولا شبيه . . لأن مكانة الراحل في قلوبنا جد ا كبيرة. . ولأن علم الكلام وبحور البلاغة بلا شك تقف عاجزة تماما إذا تحدثت عن مآثر ومواقف الراحل الكبير مقاما وفكرا وإبداعا وحبا وسموا في أفعاله وأقواله . .وهذا لما كان له في قلوبنا فقد أحبه القاصي والداني وعرف فضله المقيم هنا على أرض الدولة قبل المواطن الذي تغلغل حبه في قلبه حتى النخاع.
إن مناقب القائد الأول ومآثره لا يمكن إحصاؤها في هذا المقام وهذه الأسطر القليلة لأنها صفات أمة وحضارة شعب أحب الله فأحبه ووفقه إلى فعل الخير وترسيخ مبادئ الوحدة، وعشق العدالة بكل معانيها وأشكالها، لقد بدأ الشيخ زايد، رحمه الله، طريقاً وحدوياً بفكرة شجاعة وعزم نادر الوجود فجمع الشمل المتفرق وألف القلوب المتناثرة وأعلن عن قيام دولة فتية سوف يذيع أمرها ويعلو شأنها بين الدول المجاورة، ودول العالم أجمع، لأن زايد الخير وضع بذرة الحب والإخاء والمحبة أساساً لاتحاد مبارك فأثمر الزرع وأينعت زهوره خيراً وحباً ووفاء .
إن الشيخ زايد ليس مجرد زعيم نتغنى بأمجاده وإنجازاته إنه الأب الذي ربى، والمعلم الذي علمنا وغرس فينا حب هذا الوطن والقائد الذي حكم بعدل، فكل شيء في هذه الأرض الطيبة يشهد على مواقفه السامية وأفعاله الخيرة، لقد ترك لنا زايد رجالات قادرين على أن يواصلوا هذه المسيرة وأن يقودوا الركب نحو المزيد من التقدم والازدهار وأن يكونوا خير خلف لخير سلف . إن حب الشيخ زايد الكامن في صدور كل أبناء الإمارات سوف يبقى كالنبراس الذي يضيء لنا الطريق، رحل عنا من أدرك أحاسيسنا الشعبية، ولبى احتياجاتنا، ووسع خياراتنا، وكان غزيراً كالبحر في عطائه وفي مشاعره الأبوية الدافئة نحو أبناء وطنه، فتعلمنا منه معاني الانتماء والولاء للوطن والواجب والشموخ في المواقف .
رحل زايد -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- عنا جسداً ولكن نهجه الحكيم ومبادئه القويمة ستبقى أشجاراً مثمرة يقطف الجميع ثمارها ويستظل بظلها، وبقيت دولته التي بنى شامخة مرفوعة الرأس بفضل ذرية صالحة كريمة نشأت في مدرسة الحكمة والعطاء، وإذا كان زايد الخير قد وضع الأساس وقاد الموجة التنموية الأولى في تاريخ دولتنا الحبيبة، فإن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة -حفظه الله- أثبت مقدرته كقائد عظيم في تنموية ثانية تثبت أن زايد لم يترك لشعبه دولة فتية واعدة فقط بل ترك لهم أيضاً جيلاً من القادة الأفذاذ القادرين على مواجهة تحديات التنمية ومتغيرات العصر ومواصلة دربه واستكمال مسيرته
** الكاتبة السعودية إعلامية ومدربة في التنمية البشرية