اقتصاد وتكنولوجيا وعلومالرئيسية
أبل، تفاحة جوبز أيقونة تحدي المستحيل

كانت التفاحة على الدوام رمزاً أيقونياً قوياً في تاريخ البشرية والأساطير الانسانية، بدايةً من تفاحة آدم التي كانت رمزاً للحرية والاختيار الأول في حياة الانسان، مروراً بتفاحة نيوتن التي تسببت في تغيير مفاهيم قوانين الفيزياء الحديثة. وحتى في القصص الخيالية، هناك تفاحة “سنو وايت” التي أدخلتها في غياهب النوم في رمز للشر والحقد… لكن تفاحة ستيف جوبز المقضومة أصبحت مع تخطي القيمة السوقية لشركة “أبل” عتبة تريليوني دولار، أيقونة جديدة في تحدي المستحيل.
منذ تأسيسها عام 1976، كان طريق “أبل” صعباً، في البداية لتسويق الحواسيب الشخصية من “أبل” إلى “ماكنتوش”. ثم اكتسبت الثقة خطوة بخطوة عبر ابتكارات ثورية متتالية على صعيدي الـ”هارد وير” (على غرار فأرة الكومبيوتر) والـ”سوفت وير”، وصولاً إلى انتاج الهاتف الذكي الأول “آيفون” عام 2007، لتغير مفهوم عالم الهواتف المحمولة إلى الأبد.
وكانت “أبل “أول شركة تكنولوجيا أميركية تصل قيمتها الى 1 تريليون دولار في آذار (مارس) 2018، إلا أنها لم تكن الأولى في ذلك بين الشركات العالمية كافة، إذ سبقتها في الريادة شركة “بترو تشاينا” عام 2007. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، تجاوزت قيمة “أبل” السوقية قطاع الطاقة الأميركي بأكمله، عندما كسرت حاجز 1.17 تريليون دولار.
وكررت الشركة العملاقة تحطيم أرقامها وأرقام السوق القياسية. ويوم الأربعاء، أصبحت “أبل” رسميا ًأول شركة أميركية تصل قيمتها السوقية إلى أكثر من تريليوني دولار، بما يفوق موازنات عشرات الدول، وذلك بعدما تحدت الشركة جائحة “كوفيد-19” التي آلمت العالم كله باقتصاداته وشركاته العملاقة، لترتفع أسهمها بنحو 60 في المئة في عصر كورونا، حيث بلغ سعر السهم ظهيرة الأربعاء 467.02 دولاراً.
ويشار إلى أن الشركة الوحيدة الأخرى المدرجة في البورصات العالمية التي وصلت قيمتها إلى تريليوني دولار هي شركة النفط السعودية “أرامكو”.
ويؤكد الخبراء أن هذا الارتفاع الكبير في سعر سهم “أبل “ناتج عن ثقة كبيرة للمستثمرين في أداء الشركة العملاقة، التي لا تعتمد في نجاحها حصراً على مبيعات هواتف “آيفون”، بل على حزم متكاملة من الأجهزة والبرامج والخدمات.
وعلى رغم تحقيق شركات التكنولوجيا مكاسب جرّاء ازدياد الطلب على خدماتها ومنتجاتها خلال فترات الإغلاق، الا أن “أبل” تفوقت على منافسيها عبر مبيعات قوية للأجهزة اللوحية والساعات وغيرها، إضافة الى التطبيقات الجديدة والخدمات التي اكتسبت مكانة صلبة خلال الأزمة الصحية. وفي الفصل الأخير الذي انتهي في حزيران (يونيو)، أعلنت “أبل” ارتفاع أرباحها بنسبة 8 في المئة الى 11.2 مليار دولار وارتفاع ايراداتها 11 في المئة الى 59.7 مليار.
وكانت “أبل” أعلنت الشهر الماضي اعتزامها تقسيم كل أسهمها بنسبة أربعة إلى واحد. وهو ما يعني أن كل مساهم سيحصل على 4 أسهم مقابل كل سهم يمتلكه في الشركة، وهو ما سيؤثر على سعر السهم وليس على القيمة السوقية للشركة.
ويأتي ارتفاع سهم “أبل” وسط ازدهار تشهده أسهم شركات التكنولوجيا المدرجة في البورصات، مع انتقال الناس للعمل من المنازل وسط تفشي وباء كوفيد-19 واتباع اجراءات التباعد الاجتماعي. وارتفع مؤشر بورصة ناسداك التي تضم أغلب شركات التكنولوجيا الى مستويات قياسية أكثر من 30 مرة عام 2020.
وتبلغ قيمة شركات “أمازون” و”مايكروسوفت” و”ألفابيت” (الشركة الأم لـ”غوغل”) أكثر من تريليون دولار لك منها، مما يعني أن قطاع التكنولوجيا الأميركي يحقق قيمة سوقية تبلغ 6 تريليونات دولار.
وتمثل 5 شركات هي “أبل” و”مايكروسوفت” و”أمازون” و”فايسبوك” و”غوغل”، ما يقرب من 23 في المئة من القيمة الإجمالية لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500” الذي يقيس أداء أسهم 500 شركة كبرى مدرجة في بورصات الأوراق المالية في الولايات المتحدة.
وارتفعت القيمة السوقية لشركات التكنولوجيا الكبرى على مدى السنوات الماضية لأنها تمكنت من تحقيق نمو ضخم حتى عندما كان الاقتصاد العالمي بطيئا، واستطاعت في الآونة الأخيرة تحقيق ذلك إلى حد كبير حتى أثناء الوباء.